أصبحت تكنولوجيا المعلومات مرتبطة بتطورالمجتمعات في عصرنا الحاضر، وتعد الوسيلة الأكثر أهمية لنقل المجتمعات النامية إلى مجتمعات أكثر تطوّراً. فهي تساهم بطريقة مباشرة في بناء مجتمع جديد يعتمد على خدمات معلوماتية إلكترونية ذات صلة مباشرة بخدمات الاتصال والإنتاج والتعليم . وعليه، يبرز سؤال مهمّ يتمحور في ما إذا كانت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تقدّم للبلدان النامية القدرة على تخطي الفقر، وتخطّي المراحل التقليدية للتنمية، والانتقال بذلك إلى مسار معرفي يستند إلى النمو ويتمتع بقيمة مضافة اكبر.
من الواضح أنّ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمفردها هي مجرّد أداة، والأدوات ليست بديلاً عن الحاجة إلى التنمية الحقيقية، غير أنّ تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تقدّم أدواتٍ من شأنها تسريع التنمية وإعادة هيكلتها عبر تأمين نفاذٍ أكثر تناسقاً إلى المعلومات، فمزيد من الناس أصبحوا يحصلون على مزيدٍ من المعلومات كلّما وأينما احتاجوا إليها. أمّا أثر هذا، فيتمثّل بتغييرات عميقة في بنى الأسواق والمنظمات وأنماط السلوك الاقتصادي والإداري القائمة قبل عصر الإنترنت.
في ظل التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإحداثها لمفاهيم جديدة مثل الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والبريد الإلكتروني، واقتصاد المعرفة، طرأت على مستوى العالم تغيرات لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، وبرزت العولمة بتحدياتها المعروفة والتي ينبغي مواجهتها بأساليب مستحدثة تمكن المجتمعات النامية من مواكبة ثورة المعلومات والتعامل مع المفاهيم الجديدة.
ورغم التسارع المستمرلاستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنفاذ إلى مناطق كثيرة من العالم من خلال الإنترنت، إلاّ أن ما نسبته 5 بالمئة من سكّان العالم يستخدمون الإنترنت، و 88 بالمئة منهم يعيشون في البلدان الصناعية. وتضمّ الولايات المتحدة الأميركية وكندا وحدهما 57 بالمئة من مستخدمي الإنترنت في العالم، مقابل واحد بالمئة فقط لمنطقتَي أفريقيا والشرق الأوسط مجتمعتَين. كما تشير التقديرات إلى أنّ حوالى 75 بالمئة من المعلومات المتوفّرة على شبكة الإنترنت تصدرباللغة الإنكليزية (1،2،3،4). وبينما يعاني حوالي 1.2 مليار شخص أو ما يوازي 20 بالمئة من سكان العالم من الفقر المدقع ويكسبون أقلّ من دولار أميركي واحد يومياً (1)، نتساءل عمّا إذا كانت البشرية قادرة على تسخير القدرات الجديدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سبيل تخفيف الفقر وتحسين مستوى المعيشة، وخلق مزيدٍ من النموّ المثالي. وبينما يقدّم الانتشار السريع لتكنولوجيا المعلومات وانخفاض كلفتها فرصةً للمحرومين في العالم للقفز فوق مراحل التنمية التقليدية، إلاّ أنّ ما يثير المخاوف هو أنّ النمو المرافق لتكنولوجيا المعلومات سيتبع نفس الأخطاء الحالية للتفاوت الاجتماعي والاقتصادي. غير أنّ احتمال ألاّ يجني معظم شعوب العالم المنافع التي ستنتج عن استعمال التكنولوجيا الجديدة إنّما هو بالنسبة إلى منظمة العمل الدولية أحد أقوى البراهين التي ستحول دون تحكّم الأسواق بمفردها بمسار ثورة المعلومات والاتصالات (1،7،8).
ولعلّ أكثر مظاهر الهوّة الرقمية في الإقتصاد الرقمي هي الهوّة بين الأغنياء والفقراء، ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، تقرير “الاستخدام في العالم للعام 2001: الحياة في العمل ضمن المجتمع المعلوماتي”، فإنّه بينما تنمو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مناطق عديدة من العالم، تتّسع أيضاً الهوّة بين الذين يملكون المعرفة الرقمية والذين لا يملكونها، وأولئك الذين سيستفيدون من منافعها اكثر من غيرهم. وتتمثّل إحدى الاستنتاجات الأساسية للتقرير بأنّ قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على خفض الفقر وتشجيع التنمية .ستتحدّد وفقاً لأثرها على الاستخدام، كما أنّ النموّ الاقتصادي الذي سينتج عنها سيُترجم إلى خَلق عملٍ منتجٍ ومربح.