المقدمة :
ما ينبغي ان يدرك بدأ ان تهيئة الأم لتحمل مسؤولياتها الاجتماعية من الأولويات المسلم بها خلال المراحل الاولى من الزواج تحديدا ، على الأقل إكسابها أساسيات المعرفة بالأدوار المناطة بها كزوجة , وربما غدت منذ ليلة الدخلة أما, وبالتالي ستكون معنية بتحمل مسؤوليات جسام تجاه جنينها خلال مرحلة الحمل والرضاعة , وأطفالها خلال مرحلتي الطفولة والشباب , وكذلك أسرتها وأسرة زوجها ومجتمعها عموما في المستقبل القريب .
وهو ما يحتم تهيئة الأم للدور المناط بها برؤية وحرص ومسؤولية منذ ما قبل الإنجاب.
فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق , او كما قال أمير الشعراء .
1– تثقيف الأم ضرورة اجتماعية ومسؤولية مشتركة .
رفع مستوى وعي الأم وتأهيلها للحياة الاجتماعية و الأسرية أمر يجب أن لا يستهان به فهو ضرورة ملحة خاصة إذا كنت تلك الام محدودة التعليم والمعرفة او صغيرة السن كما هو حال الكثيرات في مجتمعنا اليمني الذي تزيد فيه نسبة الأمية في اوساط النساء عن 40 بالمائة ، مجتمع للأسف تنتشر فيه ظاهرة زواج الصغيرات خاصة في أوساط الفئات الأشد فقرا وفي الريف بشكل أخص .
2– دور الأم أساسي في تثقيف ذاتها :
تعزيز برامج التثقيف والتوعية الموجهة للأمهات وتنويرهن بدورهن تجاه الأسرة والمجتمع ثقافة يجب ان تكون حاضرة بقوة في ذهن كل أم لأن الأمومة ليست مجرد غريزة، وزواج وإنجاب ومن ثم إسقاط واجب تجاه الأبناء فحسب وإنما هي كذلك خلق مبادئ وتنمية قيم إيجابية والقيام بمسؤوليات تربوية تتناسب والتكوين الفسيولوجي للمرأة .
صحيح أن إعداد الأم ورفع مستوى ثقافتها بدأ مسؤولية رب الأسرة ثم وسائل الإعلام ومؤسسات التوعية والتثقيف الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المتخصصة، إلا أن ذلك لا يعني أن تضل الأم مجرد متلق اتكالي تنتظر ما سيتم التكرم به عليها من إرشادات ونصائح وبرامج توعوية بين حين وأخر بل يجب عليها ان تسعى الى تطوير ذاتها لتكتسب المعرفة في كل ما تجهله وذلك بالاستفادة من البرامج الإيجابية ذات الصلة باحتياجاتها التوعوية والتثقيفية، فوسائل المعرفة متعدة ، وقد أصبحت اليوم على كثرتها متاحة وفي متناول الجميع .
المكتبة المنزلية ووسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الالكترونية والقنوات التلفزيونية المتخصصة والإذاعات المحلية وغيرها من الوسائل المساعدة على تنمية الثقافة العامة غيض من فيض ، وما على الأمهات في منازلهن سوى أن يخصصن من وقتهن ولو ساعة واحدة في اليوم ينهلن في ضوء برنامج مزمن من كل علم بطرف وبما يلبي احتياجاتهن التثقيفية في المعرفية ولو بمبادئ :
– فنون تربية الأولاد
– طرق ومجالات توعية الأسرة
– أساسيات التثقيف الصحي .
– معايير إدارة الأسرة ومبادئ حل الخلافات الطارئة وكيفية امتصاص انفعالات الأخر
– الإحاطة بأساسيات التدبير المنزلي .
– معرفة أبجديات الحقوق والواجبات المتقابلة للأمهات والأولاد والزوج وأفراد الأسرة والمجتمع ، والجيران .
الوعي ولو بأساسيات فقه العبادات والمعاملات والفرائض التي تتطلبها الحياة اليومية للأم في في محيطها .
كل ذلك سيساعد على استقرار الحياة الأسرية ويعزيز أواصر وأخلاقيات النسيج الاجتماعي ، وستكون الام الحكيمة الواعية رائدة في إدارة شؤون بيتها و أسرتها من جانب وقيادية في محيطها النسوي أم يضرب بها المثل لدى بنات أترابها وبنات جنسها عموما لانها ستدير أمورها بشيء من المهنية والمعرفة والوعي والتخصص.
3– المسؤوليات الاجتماعية للأم :
– توطيد العلاقات الاجتماعية في الوسط النسوي تخدم استقرار الأسرة في المحيط الاجتماعي وهي ثقافة يجب أن تكون حاضرة في ذهن كل أم .
العلاقات الاجتماعية سلاح ذو حدين فالأم الحصيفة مسؤولة في تعميق الإيجابيات نها لدى أترابها من بنات جنسها في البيت ومجتمعها القريب والبعيد , وذلك من خلال قيامها بالدور المناط بها كأم مسؤولة عن استقرار علاقة ذويها بمن حولهم سواء في البيت أو الشارع أوالحي السكني .
– الحقيقة التي لا غبار عليها أن الأبناء انعكاس طبيعي للأسرة وفي مقدمتها الام , فثقافة الطفل ونظافته وأدبه واحترامه لمن حوليه عنوان للأسرة و مرآة عاكسة للام سلبا أو إيجابا .
– ما يهمنا في هذا المحور بالذات أن الأم سفيرة أسرتها لدى بنات جنسها في محيطها الاجتماعي . زياراتها المتكررة للجيران وحضورها المناسبات الاجتماعية المختلفة يجب أن يكون من أبرز مخرجاتها تبادل الخبرات بين هذه وتلك , وتعزيز الثقافة الإيجابية في شؤون الأسرة والحياة , وتوطيد العلاقات , وكسر الحواجز النفسية والرسميات, بين أسرتها من جانب ، والأسر المستهدفة من جانب أخر .
– التوافق بين الامهات على ثقافة مشتركة في تعزيز أواصر العلاقات الاجتماعية والإنسانية تعد من الأهمية بمكان . فهي لا تخدم استقرار العلاقات بين الأمهات وبعضهن فحسب وإنما تمتد جسورها الإيجابية إلى أبنائهن وأزواجهن وكل أفراد الأسرة من الجانبين .
– التفاهم على معايير حل الخلافات الطارئة بين هذه الأسرة وجيرانها ، والتي غالبا ما يكون سببها شقاوة الأطفال من الطرفين , فإذا عملت الأم على اخماد ثورة الغضب وامتصاص انفعالات الأخر ستكون اما مثالية وحكيمة بامتياز والعكس صحيح. ليس من المبالغة القول أن كبح جماح غضب الأبناء او رب الأسرة ، أمر تستطيع الأم الحاذقة أن تحتويه ؛ لأنها تمتلك فرصا في تهدئة ذويها باعتبارها مسموعة , ومؤثرة إلى حد كبير على الأبناء والزوج وذويها ويمكن بإصرارها أن يصغوا لها , وممكن جدا أن تفرض رأيها على كل منهم في تهدئة موقف ما.
– حذاري أن تكون الأمهات مهما كان امتعاضهن طرفا سلبيا شريكا في توتير العلاقات والشحناء والضغينة بين ذويها من جانب وجيرانها او غيرهم من جانب أخر لأنه ستكتوى بنار الفتنة بعد حصولها شاءت أم أبت .
المؤسف أن كثيرا من المشاكل الأسرية التي رأينا بعض أفرادها خلف القضبان بتهم مختلفة كانت بسبب سلبية بعض الأمهات ودورهن في صب الزيت على النار لتأجج فتن, دفع ويدفع ثمنها طرفا المشكلة ، رغم أنه كان بالإمكان تلافيها لو لعبت الأم في هذه الأسرة وتلك دور تهدئة الموقف وإخماد الفتنة في مهدها .
4– المسؤوليات الأخلاقية
ما لا يختلف بشأنه اثنان أنه تقع على الأم أيضا مسؤوليات أخلاقية في تعزيز قيم الألفة والمحبة وتوطيد العلاقات بين الأمهات على أسس من الحميمية القائمة على التعاون والتقدير واحترام الأخر سواء بين أفراد الأسرة وبعضهم صغار وكبار او بين الأسرة وذويها او محيط الاجتماعي فثقافة الاحترام المتبادل ومعرفة دور وحقوق وحدود كل طرف سيخلق جوا من الألفة والمحبة بين :
– الزوج وزوجه وأهل كل منهما
– بين الأبناء وبعضهم
– بين الأسرة وجيرانها .
– بين الأسرة ومعاريفها عموما .
ما يجب كذلك أن يكون حاضرا في ثقافة الام وسلوكها هو ضرورة تفهمها لمصلحة أبنائها واستيعابها للأخر وتنمية تلك الثقافة كسلوك ومنهج تعامل وحياة : فيما بين أبنائها وبعضهم من جانب , وبينهم وإخوانهم غير الأشقاء, إن وجدوا , من جانب أخر .
5- استيعاب الضرات لبعضهن بعضا لمصلحة الأبناء :
من أساسيات حماية الأسرة من التشتت والتناحر والتباغض والتفكك هو استيعاب كل من الضرات لبعضهن بعضا ولو حرصا على مصلحة أبنائهن غير الأشقاء .
إذ يجب تنشئتهم على أساس من الحب لبعضهم بعضا , وإحساسهم بالحنية والعدالة والمساواة، وتعزيز روابط الأخوة بينهم حماية لهم من التفكك وحرصا على تجنيبهم مستقبلا بواعث الخلافات والفرقة والتشتت والعداوة والتناحر الضياع .
هشيم ضغينة الأخوة غير الأشقاء للأسف في الغالب يكون سببها غياب الانسجام بين الضرات من جانب , وضعف مسؤوليات الأب متعدد الزوجات تجاه أبنائه , من جانب أخر .
6- تعزيز الجانب الإنساني :
التكافل الاجتماعي أيضا من أبرز مسؤوليات الأم تجاه الأسرة والجيران وفقراء الحي عموما .
الام التي تستطيع أن تمد جسور العلاقات والتكافل إلى بسطاء جيرانها وأبنائهم سواء منفردة أو بالتنسيق وتبادل الأدوار مع زوجها واولادها هي أم عظيمة ومثالية .
ستكون محل احترام الجميع , وسيقدرها كل من حولها , وستساهم بذلك القلب الرحيم في حماية أسرتها (صغارهم وكبارهم) من الضغينة وحسد العذال وكراهية الحاقدين لأن أياديها بيضاء , ممدودة للبسطاء , وقلبها رحيم حان على الضعفاء , ولسانها حتما سيكون محصن من الغيبة والنميمة , وسلوكها مترفع عن تتبع عثرات الأخرين زاهدة عن ما بأيديهم .
داووا أمراضكم بالصدقات . والكلمة الطيبة صدقة . وكافل اليتيم رفيق رسول الله (ص) في الجنة . وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان , والراحمون يرحمهم الرحمن , او كمال قال عليه الصلاة والسلام .
7– الأمن الأسري والسلم الاجتماعي :
تقع على الأم مسؤولية أخلاقية أيضا في تعزير الآمن الأسري والسلم الاجتماعي حماية لذويها ومجتمعها عموما من متاهات المآسي والمعانات والتشرد والانحراف والضياع .
فما ينبغي ان تقوم به الأم في هذا الجانب هو توجيه سلوك الأبناء وطاقاتهم إيجابيا , بما يتناسب وفئاتهم العمرية فإذا ما علمنا وأدركت الأمهات أن سن الطفولة هو من صفر إلى 18وفقا للإعلان العالمي لحقوق الطفل فإن الأمهات بالتحديد سيدركن احتياجات الطفولة ومنها:
إعداد الأبناء للمستقبل ومن اولويات حقوق الأبناء في هذه المرحلة العمرية تحديدا وذلك من خلال : فهم تقلباتهم واحتياجاتهم النفسية . تعلميهم وتنمية مداركهم . – تربيتهم وتهذيب سلوكهم
– حمايتهم بشتى انواع الحماية .
– فلن تسمح الزج بهم في سوق العمل لأن ذلك سابق لأوانه ويحفهم بالمخاطر.
– ولن تسمح لهم بالاستقلالية في ممارسة كل ما يحلو لهم بدون رقابة .
– ولن ترضى الزج بهم في محرقة الصراعات والحروب تحت أي مبرر كان لأن ذلك ليس من مسؤولياتهم في هذه المرحلة العمرية . فتجنيب الأطفال المخاطر وحمايتهم مسؤولية أخلاقية وإنسانية وتجنيدهم في سن الطفولة يعد انتهاكا صارخا لحقوقهم يعرضهم لخطر حقيقي .
وبالتالي لا يستطيع كائن من كان بمن فيهم الأب الزج بالأطفال في آتون الصراعات والخروب إلا إذا تواطأت الأم او انصاعت لقناعات عاطفية أيا كانت .
الخاتمة والتوصيات :
إعداد وتقديم عبدالله محمد الكبودي
a777909743@gmail.com